اكتئاب العيد… لما الفرحة تبقى تقيلة على القلب

العيد في نظر الناس هو وقت البهجة، اللمة، الضحك، الأكل الحلو، الخروجات، واللبس الجديد. بس بالنسبة لناس تانية، العيد مش كده خالص.
فيه ناس بتدخل على العيد وهم قلبهم متعكنن، مش حاسين بأي حاجة، والفرحة حواليهم بتحسسهم إنهم أغرب من الناس كلها.
بيصحوا الصبح يوم العيد حاسين إنهم تقال، مش عايزين يقوموا، مش متحمسين لأي حاجة، وأحيانًا بيحسوا بذنب إنهم “مش حاسين بحاجة”.

اللي الناس ما بتتكلمش عنه كفاية هو إن فيه حاجة اسمها اكتئاب العيد. وده مش حاجة نادرة، ولا حاجة معناها إنك ضعيف أو غريب. دي ظاهرة نفسية بتحصل لناس كتير جدًا، وبتكون محيّرة ومؤلمة في نفس الوقت.

ليه العيد بيتحول لكابوس بدل ما يكون مناسبة حلوة؟

العيد ساعات بيكون مرآة كبيرة، بتورّينا كل حاجة ناقصة أو موجعة جوانا.
ممكن يفتّح جروح كانت مقفولة، يذكّرك بحد وحشك، أو بفترة كنت فيها أهدى من كده.
ممكن تلاقي نفسك بتقارن بين عيد السنة دي وأعياد فاتت، وتشوف الفرق وتحس إنك اتغيرت للأسوأ، أو إنك ماعدتش الشخص اللي كنت عليه.

الناس اللي حوالينا كمان بتلعب دور كبير. لما تفتح السوشيال ميديا وتلاقي الكل فرحان، لابس جديد، بيخرج، بيضحك، بيهزر، بتحس إنك “أقل”، أو إنك “مش طبيعي”. وده بيسحبك أكتر في دايرة الحزن والانسحاب.

الوحدة بتتعالى صوتها أيام العيد

لو إنت شخص عايش لوحدك، أو فقدت حد قريب منك، أو علاقاتك الاجتماعية ضعيفة، فالعيد بيبقى قاسي جدًا.
الناس كلها بتتكلم عن “اللمة”، “العيلة”، “الضحك”، وده بيخليك تحس إنك برا المعادلة.
فيه ناس بتكون حوالين ناس كتير بس حاسين إنهم وحيدين من جوا. وفيه ناس فعلًا لوحدهم، ومش عارفين يتعاملوا مع الإحساس ده.

والمشكلة إن الوحدة في العيد مش بس إحساس… دي حالة كاملة بتخنق القلب، وبتفكّرنا بكل حاجة ناقصة في حياتنا.

ذكريات موجعة بتصحى فجأة

العيد ممكن يفجّر جواك ذكريات، وخصوصًا لو مرتبط عندك بحد مات، أو موقف حصل، أو بيت اتفكك، أو حكاية انتهت.
العقل الباطن ساعات بيستغل المناسبات دي علشان يطلّع حاجات إحنا كتمناها طول السنة.
فجأة تلاقي نفسك بتفتكر لحظة وجعتك، أو حد مشي وسابك، أو فرحة ماكملتش.
والمشكلة إنك مش بتفهم ليه الذكريات دي بتظهر دلوقتي، فتبدأ تلوم نفسك، وتدخل في دوامة مشاعر صعبة.

الشعور بالذنب لإنك مش مبسوط

أصعب حاجة في اكتئاب العيد إنك تحس إنك المفروض تكون مبسوط، بس مش قادر.
فتبدأ تحس إنك غلطان… إنك مش طبيعي… إنك بوزت اليوم على اللي حواليك…
ويبدأ جواك صوت يقولك: “كل الناس فرحانة، وإنت ليه لأ؟”، “هو إنت مفيكش دم؟”، “مالك مكتئب؟”.

الإحساس بالذنب ده بيزود الاكتئاب، وبدل ما تهرب منه، تلاقيه بيزيد أكتر.

التوقعات العالية اللي العيد بيجيبها معاه

العيد دايمًا بيتصور في ذهننا كأنه حلم… يوم مثالي، كله راحة وحب ولمة وضحك وهدايا وفسح.
بس الواقع عمره ما بيكون كده.
لما ييجي العيد ونكتشف إن مفيش حد سأل علينا، أو إن اللمة ناقصة، أو إن مافيش طلعنا حاجة مميزة، أو حتى إن إحنا مش قادرين نفرح، بيكون ده صدمة كبيرة.
الفرق بين التوقع والواقع هو اللي بيولّد الإحباط، ومن الإحباط ييجي الاكتئاب.

العلاقات اللي بقت متوترة بتظهر وقتها

لو علاقتك بأهلك مش أحسن حاجة، أو فيه بينك وبين ناس مشاكل متخزنة، فالعيد ممكن يسلّط الضوء على كل ده.
ممكن تلاقي نفسك محشور وسط ناس إنت مش مرتاح معاهم، أو بتتمنى تبعد، أو بتضطر تمثّل علشان تعدّي اليوم.
المشاعر المكبوتة دي بتظهر وقت المناسبات، وبتتحوّل لقلق وتوتر واكتئاب، لأنك مش قادر تكون نفسك، ومش قادر تهرب.

الضغط الاجتماعي وشكل حياتك

الناس في العيد بتقارن نفسها باللي حواليها أكتر من أي وقت تاني.
تشوف ناس مخطوبة، أو متجوزة، أو عندهم أولاد، أو عايشين في رفاهية، وتبدأ تبص على نفسك وتسأل: “هو أنا ليه مش زيهُم؟”، “أنا ناقصني إيه؟”، “أنا اتأخرت ليه؟”.

المقارنات دي قاتلة، وبتخلّي الإحساس بالفشل والفراغ يزيد. وده سبب كبير من أسباب اكتئاب العيد.

التراكمات النفسية اللي ماخدتش وقتها تطلع

ناس كتير بتهرب طول السنة من مشاعرها، بالشغل، بالخروج، بالسوشيال، أو حتى بالنوم.
لكن في المناسبات زي العيد، بيبقى فيه وقت فراغ، وساعات طويلة بنقعد فيها مع نفسنا.
وده بيخلي كل اللي كنا بنهرب منه يطلع على السطح، فجأة ومن غير مقدمات.
تلاقي نفسك مخنوق، زعلان، تايه، ومش قادر تحدد السبب، مع إنه غالبًا متراكم من بدري.

الضغط المالي والتكاليف

العيد ليه جانب مادي كبير: لبس جديد، أكل خاص، هدايا، خروجات، عزايم، كل ده بيحط ضغط مالي على الناس.
ولو إنت مش قادر توفّر ده، أو حاسس إنك محروم منه، بتحس بإحباط واكتئاب.
مش بس علشان مافيش فلوس، لكن كمان علشان بتحس إنك “مش قادر تفرّح اللي حواليك”، أو إنك “مش قد اليوم ده”.
وده بيخلي العيد بدل ما يكون فرصة للفرحة، يتحوّل لعبء نفسي تقيل.

النوم اللي بيتلخبط والجسم اللي بيتلخبط

النوم والأكل في العيد بيتلخبطوا، وده بيلعب دور كبير في الحالة النفسية.
قلة النوم، السهر، الأكل الدسم، أو حتى الإكثار من الحلويات والكافيين ممكن يسببوا توتر واكتئاب.
الجسم والعقل مرتبطين، ولو جسمك مش مرتاح، هتحس بضغط نفسي حتى لو مش فاهم ليه.

هل اكتئاب العيد معناه إنك شخص مش طبيعي؟

أبدًا.
اكتئاب العيد مش معناه إنك ضعيف، ولا إنك غريب، ولا إنك فاشل.
معناه بس إن فيه جواك مشاعر محتاجة تطلع، أو حاجات محتاجة تتفهم، أو تعب نفسي متراكم كان مستني اللحظة اللي يخرج فيها.
المجتمع بيحب يركز على الفرح، ويطنّش الأحزان، وده بيخلّي الناس اللي تعبانة تحس إنها مش من حقها تحس كده.
بس الحقيقة إن كل مشاعرك ليها حق إنها تظهر، حتى لو كانت “مش مناسبة للعيد”.

طب أعمل إيه لو العيد جابلي اكتئاب؟

أول حاجة: تقبّل الإحساس.
متحاولش تزوّق الحقيقة، ولا تمثّل إنك مبسوط، ولا تقسو على نفسك علشان “تعدّي”.
لو حاسس بالحزن، اسمح لنفسك تحس بيه.
لو محتاج تعيط، عيّط.
لو محتاج ترتاح بعيد عن الناس، خليك بعيد شوية.

تاني حاجة: قلّل السوشيال ميديا.
كل الصور والفيديوهات اللي بتقول “الكل فرحان”، دي مش دايمًا حقيقية.
السوشيال ميديا مش مرآة دقيقة للحقيقة، وغالبًا بتكبّر إحساسك إنك مختلف أو ناقص.

ثالث حاجة: حاول تتكلم.
مكالمة مع صديق، أو حتى كلام تكتبه لنفسك، ممكن يفرق.
المشاعر اللي بتتقال، بتخف.
ولو مش لاقي حد يسمعك، فكّر في إنك تكتب اللي جواك، أو تتواصل مع معالج نفسي حتى لو أونلاين.

رابع حاجة: اعمل لنفسك روتين بسيط.
مش لازم تخرج وتنبسط بالعافية، لكن ممكن تعمل حاجة مريحة: تمشي، تسمع مزيكا بتحبها، تتفرج على فيلم هادي، تعمل أكلة بسيطة، تشم هوا…
الراحة مش دايمًا في البهجة، ساعات الراحة في البساطة.

وأخيرًا… إنت مش لوحدك

اللي بتحس بيه، في ناس كتير بتحسه.
حتى لو محدش بيقول، حتى لو كله لابس وش الفرح، فيه ناس كتير جواها نفس الإحساس.
وإنت مش مكسور، إنت بس محتاج تسمح لنفسك ترتاح، وتفهم اللي جواك، وتطبطب على روحك شوية.

العيد مش لازم يكون مثالي، ومش لازم نفرح فيه بالعافية.
العيد ممكن يكون لحظة هدوء، أو وقت تأمل، أو بداية جديدة حتى لو بسيطة.